يشهد الاقتصاد السعودي نقطة تحوّل واضحة، خاصة مع زيادة الاستثمار في الابتكار وتحفيز نمو القطاعات غير النفطية، وقد كان لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية بالغ الأثر في زيادة نواتج الابتكار ودعم مجالاته ونقل التكنولوجيا بصورة أكثر سلاسة وسد الفجوات القائمة بين الابتكار و حفظ حقوق الملكية الفكرية، لذلك نتناول خلال الفقرات التالية تجربة المملكة في تكييف سياستها في مجال الملكية الفكرية لتتناسب مع نضج نظام الابتكار الوطني لديها.. 

حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية

عامًا بعد عامٍ تؤكد المملكة على أهمية تعزيز معايير الملكية الفكرية لدعم الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية، لذلك تتطور السياسات والقوانين ذات الصلة بالملكية الفكرية باستمرار لفتح باب الابتكار على مصراعيه ومواكبة كافة التطورات التكنولوجية التي يشهدها القطاع الصناعي على وجه التحديد والقطاعات التجارية أيضًا. 

ترتبط سياسة الملكية الفكرية في المملكة الآن باستراتيجية ابتكار شاملة، تضمن هذه الاستراتيجية توافق قوة حماية الملكية الفكرية مع نضج نظام الابتكار الوطني وتسهيل نشر المعرفة، وقد تم تنظيمها في أربعة محاور أساسية كالتالي؛ 

  • يتضمن المحور الأول توضيح القيمة الاقتصادية للملكية الفكرية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها في الأنظمة الوطنية والدولية. 
  • يهتم المحور الثاني ببحث التحديات التي تواجه أنظمة حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية بفضل التطورات التكنولوجية، ووضع مقترحات التغلب عليها. 
  • يدرس المحور الثالث التحولات التي تنتهجها المملكة لدعم احتياجات نظام الابتكار المحلي وخدمة أهدافها الاقتصادية وتقنين تلك التطورات. 
  • يعتمد المحور الرابع على التحليل والاستنتاج؛ بهدف دراسة الوضع الحالي وتأثير التطورات والخطوات التي اتخذتها المملكة وتنمية الأوضاع باستمرار. 

 ولأن المهمة الأساسية لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية هي المساهمة في تحقيق التوازن الفعال بين الحماية الكافية لمصالح المبدعين من ناحية وتحقيق الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتحفيز الإبداع في جميع المجالات، فإن هناك علاقة وثيقة بين بين حقوق الملكية الفكرية والنمو الاقتصادي.. 

أهمية حفظ حقوق الملكية الفكرية للمبدعين والنمو الاقتصادي: 

لاشك أن التقدم التكنولوجي هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والقدرة التنافسية، ولأنه من المرجح دائمًا أن يتم نسخ وتقليد الابتكارات المُربِحة، مما يقلل من مكاسب المبدعين ويُضعِف حوافزهم لإجراء أبحاث مُكلفة قد يكون نجاحها غير مؤكد بحكم عمليات النسخ والتقليد، فإن حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية يضمن مكافحة هذا المثبط من خلال منح المبدعين احتكارًا مؤقتًا لابتكاراتهم. 

يعتمد تأثير حقوق الملكية الفكرية على مستوى التنمية والقدرة على الابتكار وحجم الموارد المتاحة للنشاط الابتكاري، والتي تشمل الإنفاق على البحث والتطوير والمعارف التكنولوجية المتوفرة ورأس المال البشري والقدرة الصناعية وغيرها، لذلك تعمل المملكة على الاستثمار في البنية التحتية لتوفير كافة مقومات الإبداع وتطوير قاعدة المعارف والقدرات الابتكارية. 

وانطلاقًا من أهمية حقوق الملكية الفكرية تسعى القيادة السعودية الآن إلى إعادة استثمار عائدات النفط في التعليم وريادة الأعمال من أجل تعزيز التنويع الاقتصادي وتوطين التكنولوجيا والمعرفة في المملكة، الأمر الذي يخلق بيئة خصبة للمبدعين ويجعل الملكية الفكرية مجالًا سياسيًا ذا أهمية تُمكِن البلد من تحقيق طموحاته.  

تطورات حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية: 

يعود تاريخ أول قانون سعودي لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية إلى عام 1939 مـ حين تم اعتماد قانوني حماية العلامات التجارية وبراءات الاختراع، ثم تتابعت جهود المملكة لتطوير مفاهيم ولوائح الملكية الفكرية لتشمل كافة أشكال الملكية الفكرية بما فيها حقوق التأليف والنشر والأصناف النباتية ومجالات الملكية الصناعية أيضًا. 

 وقد بدا الاهتمام بالملكية الفكرية جليًا في مطلع الألفينات حيث ظهر ذلك بوضوح في مراجعة البنك الدولي لعام 2010 مـ لإمكانات الابتكار في دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أثنى التقرير على وجود مميزات مؤسسية جديدة في السعودية تعكس نمو الثقافة المحلية للملكية الفكرية واستعداد المملكة لتبني أفضل الممارسات العالمية لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية. 

ظلت جهود المملكة لحماية الملكية الفكرية موزعة على أكثر من هيئة و جِهة رقابية لفترة طويلة حتى عام 2018 مـ، حين تم تأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية، التي جذبت فور الإعلان عنها أكثر من سبعين كيان مختلف من القطاعين العام والخاص والشركاء الدوليين لتشكيل استراتيجية الملكية الفكرية. 

بعد إنشاء الهيئة العامة لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية توحدت الجهة المسؤولة عن الملكية الفكرية، وأصبح هناك استراتيجية عامة واضحة، مكنت المملكة من تبني العديد من الجهود والممارسات لتعزيز جهود الملكية الفكرية، مثل أكاديمية الملكية الفكرية الوطنية التي وضعت المملكة بين البلدان العشرة الأكثر استفادة من برامج الملكية الفكرية الدولية طبقًا لتقرير منظمة الويبو العالمية. 

والآن على الجهتين التنظيمية والإنفاذية تمتلك السعودية بِنيّة تحتية قوية لقوانين ولوائح الملكية الفكرية، التي تتضمن الآن ستة قوانين تتناول كافة تشريعات الملكية الفكرية في المملكة.. 

قوانين الملكية الفكرية في السعودية 

على مدار عدة سنوات متوالية من التطوير المستمر تعددت قوانين الملكية الفكرية في المملكة لتشمل الآن ستة قوانين لـ حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية كالتالي: 

  • قانون العلامات التجارية، يشمل حماية وتسجيل كافة أنواع العلامات التجارية للمنتجات والخدمات وكذلك العلامات الدولية. 
  • نظام براءات الاختراع، يتضمن حماية الاختراعات في كافة مراحل تطويرها، ويمنحك الحق الاستئثاري لاستغلال الاختراع لمدة عشرين عامًا. 
  • قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحق المؤلف، لحماية المصنفات الأدبية والعلمية بمختلف أشكالها، وكافة الخدمات المُلحقة بها. 
  • نظام حماية التصاميم الصناعية للمنتجات ويشمل أيضًا حماية تصاميم المنسوجات والأعمال اليدوية ثنائية وثلاثية الأبعاد. 
  • نظام حماية الأصناف النباتية، لتسجيل وحماية الأصناف النباتية المستحدثة وراثيًا داخل المملكة وتوفير الرعاية الكاملة لمربي النباتات.  
  • نظام تسجيل الدارات المتكاملة لحماية الدوائر الإلكترونية سواء في شكلها النهائي القابل للتصنيع المباشر أو خلال مراحل تطويرها. 

تتكامل هذه القوانين والتشريعات الستة لتغطية كافة مجالات الملكية الفكرية الأدبية والصناعية، ولا تزال هناك العديد من التجارب قيد الدراسة للتعرف على احتياجات السوق السعودي وهيكلة المزيد من اللوائح لتغطية متطلبات المبتكرين في مختلف المجالات.. 

نظام تسجيل حقوق الملكية الفكرية في المملكة

توحدت جهات تسجيل حقوق الملكية الفكرية في السعودية في “الهيئة السعودية للملكية الفكرية”، حيث تستقبل الهيئة كافة طلبات حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية، وقد أصبحت إجراءات التسجيل أبسط ما يكون من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة كما يلي: 

  • من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي لـ “الهيئة السعودية للملكية الفكرية” اختر تصنيف الملكية الفكرية التي ترغب في تسجيلها من بين الخدمات المتاحة. 
  • تتناول تفاصيل الخدمة توضيح متطلبات وشروط التسجيل والمستندات اللازم توفيرها، يمكنك الاطلاع على هذه التفاصيل ومتابعة الطلب بنفسك أو الاستعانة بأحد خبراء حقوق الملكية الفكرية. 
  • يتم إيداع الطلبات إلكترونيًا من خلال الموقع الرسمي للهيئة، علمًا بأنه يتيح استقبال الطلبات من المواطنين وغير المواطنين بشرط وجود وكيل معتمد داخل المملكة. 
  • يتم فحص الطلب شكليًا للتأكد من استيفاء كافة الشروط والامتثال للوائح والقوانين المعمول بها، ومن ثم ينتقل طلبك للجنة الفنية المختصة لبدء مرحلة الفحص الموضوعي. 
  • تتولى اللجان الفنية المتخصصة فحص موضوع الطلب ومراجعة بنود الحماية القانونية المطلوبة، ومن ثم البت في الطلب بالقبول أو الرفض المُسبب.

تتخلل هذه الخطوات الرئيسية عدة إجراءات تختلف تبعًا لتصنيف الملكية الفكرية مثل إعداد وصياغة الطلب وتوثيق المستندات المطلوبة وملء نموذج التسجيل ومتابعة سير الإجراءات، لذلك ننصح دائمًا بالاستعانة بأحد متخصصي حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية لخبرتهم بمتطلبات وإجراءات التوثيق. 

توثيق وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية 

يتم توثيق كافة حقوق الملكية الفكرية من خلال الهيئة السعودية للملكية الفكرية، وذلك بفضل التعاون المشترك بين الهيئة والجهات المُشرفة على تنظيم حقوق الملكية الفكرية مثل وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وغيرها من الجهات الفنية المتخصصة. 

أما عن الإنفاذ القانوني لحقوق الملكية الفكرية فإنه من اختصاص “اللجنة الدائمة لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية” التابعة أيضًا للهيئة السعودية، وتتولى هذه اللجنة استقبال الشكاوى المتعلقة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية والنظر فيها وإبداء الرأي الفني وتحويلها للجهة الحكومية أو القضائية المختصة للفصل فيها. 

ولا تقتصر مهام اللجنة على تلقي شكاوى انتهاك حقوق الملكية الفكرية فقط، بل تهدف أيضًا إلى تحسين عمل منظومة الإنفاذ القانوني، وتطوير الإجراءات وأساليب العمل، والتنسيق بين الجهات الحكومية والأهلية، كما تقود اللجنة الزيارات التفتيشية وزيارات المتسوق الخفي لرصد انتهاكات الملكية الفكرية.  

انتهاك حقوق الملكية الفكرية 

الملكية الفكرية في المقام الأول حق خاص، ولا يمكن للحكومة المطالبة بكافة حقوق الملكية الفكرية نيابة عن الأفراد، لذلك تقع على عاتق الأفراد مسؤولية تسجيل و حفظ حقوق الملكية الفكرية في السعودية وحمايتها من الانتهاكات المتوقعة، ولكن متى يقع انتهاك حقوق الملكية الفكرية طبقًا للتشريع السعودي؟ 

يعتبر الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية قائمًا عندما يقوم أحد الأشخاص بممارسة حقوق المالك كاملة أو بعض منها دون إذن قانوني موثق، ويتوقف ذلك على تصنيف الملكية الفكرية، على سبيل المثال، يعتبر تعديًا على حقوق المؤلف كل من يقوم بنسخ المصنف أو نشره أو التعديل عليه دون إذن المؤلف، لذلك ينبغي على المالك أن يدرك جيدًا الإطار القانوني لـ حقوق الملكية الفكرية الخاصة به. 

سيساعدك فريقنا المتخصص في شركة بيانات لحماية حقوق الملكية الفكرية في صياغة البنود القانونية للحماية المطلوبة، ومن ثم تسجيلها في المملكة وتوثيقها من الجهات المختصة، ولا تنتهي خدماتنا عند هذا الحد، إنما تمتد أيضًا لإدارة حقوق الملكية الفكرية ورصد التعديات المحتملة، ومساعدتك في التصدي لانتهاك حقوق الملكية الفكرية وردع المتعدين، تواصل معنا الآن لفحص سبل التعاون المُشترك مع خبرائنا. 

شارك هذا المنشور!